الدكتورررر بقلم (...)

Transcript

1 االله الرحمن الرحيم بسم الا لهية وخصاي صها السنن كهوس رشيد الدكتورررر بقلم أوال- تعريف السنن اإللھية: الس نة لغ ة: أ- تطل ق الس نة ف ي اللغ ة عل ى: "الطريق ة والس يرة حمي دة (...) (1) كانت أو ذميمة" "وسن الماء على وجھه: ص ب ه ص ب ا س ھ ال وس ن األمير رعيته: أحسن سياستھا. (...) وس ن الله على يدي فالن قضاء حاجتي: (2) أجراه". 1 (1) (2) لسان العرب لابن منظور مادة (سنن) 225/13. مختار الصحاح لا بي بكر الرازي مادة (سنن) ص 143. المصباح النير لا حمد الفيومي المقرئ مادة (سنن) ص 152. أساس البلاغة للزمخشري حرف السين مادة (سن) ص 418.

2 قال الشاعر: جامعة القرويين "فال تجزع ن من س نة أنت سرتھا ف أ و ل (3) راض سنة من يسيرھا". وقال لبيد: "من معشر سن ت لھم آباؤھم ولك ل ق وم س ن ة (4) وإم ام ھا". ب- السنة اصطالحا: الس نة ف ي الق رآن الك ريم: أن زل الله تع الى وتق دس الق رآن الك ريم بلس ان عرب ي مب ين وك ان معج زة خال دة عل ى م ر األزم ان والعص ور أعجزت الفصحاء والشعراء واألدباء وبھذا فإن ألفاظه ال تخرج عن معانيھا في اللغة العربية إال بقرينة فلفظ السنة في القرآن الكريم أ طل ق عل ى م ا ھ و عليه في لغة العرب أي (5) "الطريقة والخطة المتبعة" وسنة الرس ل:"ھ ي (6) الش رائع اإللھي ة المنزل ة لھداي ة األم م" وال س نن جم ع س نة ق ال العالم ة الراغب األصفھاني:"وسنة الوجه طريقته وسنة النبي ρ: طريقته التي كان 2 (3) (4) (5) (6) البيت للشاعر خالد الهذلي يخاطب أبا ذؤيب الهذلي. تفسير التحرير والتنوير محمد الطاهر بن عاشور 96/4. تفسير التحرير والتنوير محمد الطاهر بن عاشور 96/4. معجم ألفاظ القرآن الكريم الهيي ة المصرية العامة للتا ليف والنشر مادة (سنن) 624/1. موسوعة الا لفاظ القرآنية مختار فوزي الن عال مادة: (السنة) ص 413.

3 يتحراھا وسنة الله تعالى: (7) قد تقال لطريقة ح كمته وطريقة طاعته" و"ما (8) جرى به نظامه تعالى في خلقه". السنة عند المحدثين: ھي "ما أثر عن النبي ρ من ق ول أو فع ل أو تقري ر أو ص فة خ لقي ة أو خ لقي ة أو س يرة س واء كان ت قب ل البعث ة أو بع دھا وھ ي (9) بھذا ترادف الحديث عند بعضھم". معنى السنن اإللھية: يق ول اإلم ام اب ن ق يم الجوزي ة رحم ه الله- ف ي تعريف ه لس نة الله:"س نته (10) سبحانه وتعالى: عادته المعلومة". ويعرفھا الكاتب الناقد المغربي األستاذ محمد ج ابري بقول ه:"إنھ ا جمل ة المواثي ق والعھ ود الت ي عھ د الله بھ ا لك ل ش يء ف ي ھ ذا الوج ود. أو بعب ارة 3 (7) (8) (9) مفردات ألفاظ القرآن الراغب الا صفهاني مادة (سنن) ص 429. بصاي ر ذوي التمييز من لطاي ف الكتاب العزيز مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي مادة:(بصيرة السنن) ص 267. القاموس القويم في القرآن الكريم إبراهيم أحمد عبد الفتاح 331/1. السنة ومكانتها في التشريع الا سلامي مصطفى السباعي ص 57. مكانة السنة في بيان الا حكام الا سلامية والرد على ما أثير حول حجيتها وروايتها علي الخفيف ص 9. (10) شفاء العليل في مساي ل القضاء والقدر والحكمة والتعليل شمس الدين أبي عبد االله ابن قيم الجوزية ص 408.

4 أصح ھي كلمات الله التامات التي ال يجاوزھن بر وال ف اجر أو بعب ارة أدق (11) فالسنن ھي كل أفعال الله". ويعرفھ ا ال دكتور عب د الك ريم زي دان بقول ه:"ھ ي الطريق ة المتبع ة ف ي معاملة الله تع الى للبش ر بن اء عل ى س لوكھم وأفع الھم وم وقفھم م ن ش رع الله (12) وأنبيائه وما يترتب على ذلك من نتائج في الدنيا واآلخرة". أما تعريفي للسنن اإللھية فھو كاآلتي: «سنن الله ق در عل ى مقتض اه ي دبر الله ھ ذا الك ون» وأق ول بتفص يل: «الس نن اإللھي ة: ھ ي أق دار الله تع الى وعھ وده الثابت ة وعھ وده الحق ة وكلمات ه التام ات الت ي ال تب ديل لھ ا وال تحويل يعتريھا وال تغيير يشملھا وال تحابي أحدا مؤمنا كان أم كافرا». ثانيا- خصائص السنن اإللھية: إن خصائص السنن اإللھية تحدد ش كل مس ارھا وتب ين كي ف تس ير ھ ذه السنن عب ر وس ائل مض بوطة ف ال يمك ن م ثال- فھ م س نن الله بعزلھ ا ع ن ربانيتھا وال يمكن فھمھا كذلك دون وسطيتھا... 4 (11) (12) انظر كتبه الا تية: التجديد في علم أصول الفقه بين السنن الا لهية وجهود الصادقين وانتحال المبطلين ص 66 و ص 81. ومنهاج الفتوى على ضوء السنن الا لهية: القرض الربوي من أجل السكن نموذجا- ص 66. والدراسات المستقبلية بين السنن الا لهية والدراسات المعاصرة ص 30. والعلوم الاحترازية والوقاي ية القرآنية دراسة مقارنة مع توقعات الدراسات المستقبلية لكل من فوكوياما وهتنغتون ص 27 ضمن سلسلة السنن الا لهية ضوابط العلوم والمعارف. السنن الا لهية في الا مم والجماعات والا فراد في الشريعة الا سلامية ص 13.

5 والكون كله يسير وفق س نن إلھي ة كامل ة ال تب ديل لھ ا وال تحوي ل فل يس ھناك شيء واحد في ھذه الحياة يحدث اعتباطا وعشوائية وإنم ا يج ري ك ل ش يء فيھ ا وف ق س نن الله تع الى الت ي ال تنخ رم وال تحي د وال تتخل ف وال تحابي أحدا من الخلق وال تس تجيب ألھ واء البش ر وطموح اتھم الشخص ية ومآربھم الفانية. وعليه فما دام ھذا الكون بما فيه خاضعا لسنة الله تعالى وما دامت سنة الله ھي قدره الذي على مقتضاه ي دبر ملك ه ف إن لھ ا خص ائص عدالتھا وجريانھا على جميع البشر واستمرارھا على مدى األزمان. تلك الخصائص وإن تعددت وتنوعت فإنھا تنبث ق م ن خصيص ة رباني ة تب ين الرباني ة وترجع إليھا ذل ك أن الق وانين البش رية الت ي يس طرھا البش ر ألنفس ھم بعي دا عن ھدي الله عز وجل تحتاج دائما إلى المراجعة والتطور وإع ادة الص ياغة والتحرر من قواعدھا ومقوماتھا تتع رض ھ ذه الق وانين لك ل ھ ذا ألنھ ا م ن ص نع البش ر. أم ا ق انون الله وناموس ه الك وني فثاب ت ال يتغي ر وض وابطه ال تتعطل وال تتحول ألن واضعه ھو خالق البشر الذي يعلم ما كان وما يكون وما لو كان كيف يكون. فھذا الكون بما فيه يخضع لنظام عادل وضوابط ربانية فكل شيء يدور في فلكه ) {و خ ل ق ك ل ش ي ء ف ق در ه ت ق د ير ا} سورة الفرقان: من اآلية ( 2 فالبد 5

6 لكل شيء من فلك يدور فيه وال بد لھذا القانون م ن ض وابط وإال انتھ ى األمر إلى الفوضى وإلى الدمار. ومن ثم كان ت س نن الله تتس م بالرباني ة ال يعتريھ ا ال نقص وال التغي ر وال التط ور فھ ي ص الحة لك ل زم ان ومك ان إل ى أن ي رث الله األرض وم ن عليھا. فأول تلك الخصائص: 1 -الربانية: إن ك ون رباني ة الس نن اإللھي ة يميزھ ا ع ن ب اقي التص ورات الفلس فية والمعتقدات الوثنية التي ينشئھا الفكر البشري وتصوراته الخيالية. وكون سنن الله ربانية المصدر يعني أنھا مرتبطة با تعالى منه تستمد وبنوره تستضيء وھذا ما يفرغ عليھا قدسية ال نظي ر لھ ا ألن ھ ذه الس نن صادرة من ص احب الخل ق واألم ر ف ي ھ ذا الك ون ) ت ب ار ك الله ر ب ال ع ال م ين { س ورة األع راف: م ن اآلي ة {أ ال ل ه ال خ ل ق و األ م ر ( 54 ول م تص در م ن البشر الذين يحكمھم القصور والعجز والتأثر بمؤثرات الزمان والمكان. ونفھم من ھذه الخصيصة الوجود بمشيئته المطلقة وتدبيره الحكيم. أن الله تعالى وتقدس ھ و الم دبر الحقيق ي لھ ذا 6

7 إن التأكي د القرآن ي عل ى رباني ة الس نة التاريخي ة وعل ى طابعھ ا الغيب ي يستھدف ربط اإلنسان حتى حينما يريد أن يستفيد من القوانين للكون با سبحانه. الموض وعية وھذه الربانية التي تتميز بھا سنة الله ھي عكس ما يعتقده اتجاه التفسير اإللھي للتاريخ الذي تمثله مدرسة المفكرين الالھوتيين المسيحيين. وھذا يبين لنا الفرق الشاسع والبون الواسع بين االتجاه القرآن ي ف ي رب ط س نن الت اريخ بع الم الغي ب وب ين م ا يس مى بالتفس ير اإللھ ي للت اريخ ال ذي يتبناه الالھوت. فإنه الثبات: 2- بما أن سنن الله ربانية المصدر وليست نتاج فكر بشري يعتريه النقص من ھذه الخصيصة تنبثق باقي الخصائص فتك ون س نن الله ثابت ة ألنھ ا تقتبس نورھا من مشكاة رباني ة وثب ات س نة الله يعن ي اس تقرارھا ودوامھ ا فال تتبدل وال تتحول يقول الحق سبحانه وتعالى: ) م ن ر س ل ن ا و ال ت ج د ل س ن ت ن ا ت ح و يال ] سورة اإلسراء: ] س ن ة م ن ق د أ ر س ل ن ا ق ب ل ( 77 ويقول الله عز ك 7

8 اسمه: جامعة القرويين ] س ن ة الله ال ت ي ق د خ ل ت م ن ق ب ل و ل ن ت ج د ل س ن ة الله ت ب د يال ] ) س ورة ( الفتح: 23. وال يعني ھذا الجمود في قالب حديدي وإنم ا يعن ي الحرك ة الت ي تعتب ر قاع دة ف ي التص ميم الك وني والحي اة البش رية- ف ي مض مار ھ ذه الخصيص ة حت ى ال تس ود الفوض ى والحي رة ف ي الك ون ب ل تل ك الحرك ة الكوني ة الت ي تدور ف ي دائ رة الثب ات تض في عليھ ا طمأنين ة ال نظي ر لھ ا وتض من للحي اة البشرية مزية التناسق م ع النظ ام الك وني المتناس ق والمتماس ك ويقيھ ا ش ر الفوضى واتباع أھواء البشر التي ال يضبطھا قانون سوى تحقي ق مص الحھا وطموحاتھا الشخصية. والثبات عنصر فعال ذو أثر كبير ف ي ني ل األوط ار وبل وغ الم رام. "وال يبل غ الھ دف الس امي إال الص ابرون ال ذين أدرك وا أن ه لك ل أج ل كت اب فل م يس تعجلوا النت ائج قب ل (13) للھدى ودليال على الله". أوانھ ا ب ل أدرك وا الثم رة ف ي إبانھ ا فك انوا من ارا وال شك أنه بثب ات س نة الله واس تمرارھا تثب ت ال نفس وتطم ئن ويحيطھ ا االس تقرار ال ذي يك ون توطئ ة لمعرف ة م ا لك ل ام رئ وم ا علي ه فيعتب ر 8 (13) التجديد في دراسة الحديث النبوي على نور السنن الا لهية ص 111.

9 ي ق د م جامعة القرويين الم بصر ويحذر المخطئ ويتحسس كل إنسان أين تسير ب ه ق دماه ف ي ح ج م أو مستندا إلى ظنه- لمصيره ومآله في دنياه وأخراه. والھدف الثاني من ثب ات الس نن اإللھي ة وع دم تغييرھ ا ھ و س قوط الق ول (الطبيعة) أو ب(الصدفة) فيما ال يستطيع العقل البش ري الوق وف عل ى علل ه وأسبابه إذ لو لم تكن السنن الجارية قائمة على الثبات التسع المجال للعبثية ولبسط القول بالصدفة في نظام حركة الكون واألحياء واألنفس. ولو لم تكن سنن الله عز وجل ثابتة على الحال المذكور لما كان في ھ ذا الك ون ت وازن وال اس تقرار وال اس تحال اس تمرار الحي اة ولكان ت الفوض ى حينئذ ھي السمة السائدة.. وھ ذا يتن افى م ع الواق ع المش ھود ال ذي ت دلنا ك ل صغيرة وكبيرة فيه على آيات الت وازن واالس تقرار الت ي تق ود إل ى اس تمرار الحياة إلى أجلھا المقدر لھا. ونحم د الله ال ذي وقان ا ش ر الفلس فات المادي ة الت ي ال تثب ت عل ى ح ال- الجاھلة بحقائق ھذا الكون الت ي مزق ت الفك ر الغرب ي ش ر مم زق وتركت ه يضل السبيل في كھوف الجدليات المظلمة... 9

10 3- االطراد: االط راد: "اط رد األم ر تب ع بعض ه بعض ا وج رى واط رد الح د تتابع ت (14) أفراده وجرت مجرى واحدا كجري األنھار". وعليه فالمقصود باطراد سنة الله تتابع حصولھا أو تكرار آثارھ ا عل ى ال وتيرة نفس ھا كلم ا ت وافرت ش روطھا وانتف ت الموان ع الت ي تح ول دون تحقيقھا (15) يقول الله جل ذك ره: ل س ن ت الله ت ب د يال و ل ن ت ج د ل س ن ت الله ت ح و يال ] [ف ھ ل ي ن ظ ر ون إ ال س ن ت األ ول ين ف ل ن ت ج د ) سورة فاطر: ( من اآلية 43. وھكذا نجد أن اطراد سنة الله يعني أنھا ليست عشوائية قائمة على أساس الصدفة واالتفاق. ولھذا قص علينا القرآن الكريم قصص الغابرين وما حل بھ م م ن ج راء ما اقترفوه من مخالفات لألوامر اإللھية لنأخذ الدروس والعبر ونرجع إل ى الصراط السوي حتى ال يصيبنا ما أصابھم ولوال اطراد سنة الله لما كان ت ھن اك دع وة للس ير ف ي األرض والوق وف عل ى آث ار الس ابقين وأخ ذ العب رة والدروس مم ا أص ابھم يق ول الح ق س بحانه وتع الى: } ق د خ ل ت م ن ق ب ل ك م (14) كتاب الكليات لا بي البقاء الكفوي فصل الا لف والطاء ص 199. والاطراد يضم مجموعة من المعاني "لا نه يضم أجزاء المدود ويجمعها ويتبع المحدود بحيث يوجد حيث وجد ويستقيم بذلك ويستمر عليه". المعين في تفسيركلام الا صوليين عبد االله ربيع عبد اله محمد ص (15) أزمتنا الحضارية في ضوء سنة االله في الخلق أحمد كنعان ص 76.

11 ) س ن ن ف س ير وا ف ي األ ر ض ف ان ظ ر وا ك ي ف ك ان ع اق ب ة ال م ك ذب ين { س ورة آل ( عم ران: 137 ويق ول ج ل وع ال: {ف اع ت ب ر وا ) ي ا أ ول ي األ ب ص ا ر} س ورة ( الحشر: من اآلية 2. يقول إمام المقاصد أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله:" إنه لوال أن اط راد (16) العادات معلوم لما عرف الدين من أصله فضال عن تعرف فروعه ألن الدين ال يعرف إال عند االعت راف ب النبوة وال س بيل إل ى االعت راف بھ ا إال بواسطة المعجزة وال معنى للمعجزة إال أنھا فعل خارق للعادة وال يحصل فع ل خ ارق للع ادة إال بع د تقري ر اط راد الع ادة ف ي الح ال واالس تقبال كم ا اط ردت ف ي الماض ي وال معن ى للع ادة إال أن الفع ل المف روض ل و ق در وقوعه غير مقارن للتحدي لم يقع إال على الوجه المعلوم في أمثاله فإذا وقع مقترنا بالدعوة خارقا للعادة علم أنه لم يق ع ك ذلك مخالف ا لم ا اط رد (17) إال والداعي صادق". فھي سنن واقع ة آتي ة م ن األزل فھ ي باقي ة وماض ية إل ى األب د ال تھ رم أبدا وال يصيبھا الموت كما تھرم القوانين المدنية وتموت. 11 (16) (17) يقصد بالعادات: السنن. الموافقات في أصول الشريعة للشاطبي 568/2.

12 فسنة الله مطردة تشمل الماضي والحاضر والمستقبل واطرادھا ال يعني حتميتھ ا. وھن ا يمك ن الق ول بأن ه ب ال رغم م ن ثب ات س نة الله ف ي الك ون واطرادھا فالمشيئة اإللھية طليقة ال ي ر د عليھا قيد ما مما يخطر عل ى فك ر البشر البعيد عن أصول التوحي د اإلس المي. وھ و س بحانه وتع الى يب دع ك ل ش يء ويخلق ه بمج رد توج ه مش يئته إل ى إبداع ه وخلق ه. فل يس ھن اك قاع دة ملزم ة وال قال ب مف روض م ل زم للمش يئة اإللھي ة ف ي الفع ل فھ و ع ز وج ل يفعل ما يشاء كيف يشاء حين يشاء ال راد ألمره وال معق ب لحكمه (18). والحاص ل أن جري ان س نن الله وتحققھ ا يك ون بقض اء الله Υ وق دره (19) وحكمت ه يس توي ف ي ذل ك س نن الله الجاري ة (20) والخارق ة. وإذا أراد الله تبارك وتعالى شيئا فإنه ال ينفذه بإبطال سننه المط ردة وأق داره الماض ية ف ي خلقه ولكن بالترجيح أو التوفيق بينھا كما قال ج ل ثن اؤه: } ث م ج ئ ت ع ل ى ) ق د ر ي ا م وس ى} س ورة ط ه: ( م ن اآلي ة 40 وھ ذا م ا يخ الف مب دأ الحتمي ة وينقض مزاعم القائلين بھا. 12 (18) (19) السنن الا لهية مجدي عاشور ص 105. معنى كو ا سنن االله جارية أ ا يمكن أن تتحقق بقدر من االله عز وجل- كلما توفرت شروطها ومقوما ا وتتم المواجهة بمقتضاها. (20) السنن الخارقة: أي بالنسبة للبشر يعتبرو ا خوارق أما عند االله تعالى فليس عنده شيء اسمه خوارق فكل شيء يتحرك با رادته ومشيي ته وحكمته العادلة وإن بدا لنا أمرا خارقا للعادة.

13 ونمثل الطراد سنن الله بسنة الله في عقاب من تكبر عل ى طاعت ه وطاع ة بق ول رس له الح ق ج ل وع ال:{إ ن ا أ ر س ل ن ا إ ل ي ك م ر س وال ش اھ د ا ع ل ي ك م ك م ا أ ر س ل ن ا إ ل ى ف ر ع و ن ر س وال ف ع ص ى ف ر ع و ن ال رس ول ف أ خ ذ ن اه أ خ ذ ا و ب يال ف ك ي ف ت ت ق ون إ ن ك ف ر ت م ي و م ا ي ج ع ل ال و ل د ان ش يب ا ال سم اء م ن ف ط ر ب ه ك ان و ع د ه م ف ع وال ( ) إ ن ھ ذ ه ت ذ ك ر ة ف م ن ش اء ات خ ذ إ ل ى ر ب ه س ب يال { سورة المزمل: (21) -4 العموم : المقصود بعموم سنة الله كون حكمھا يسري على الجميع بدون اس تثناء ال تستحيي من أحد وال تحابي أحدا بغض النظر عن كونه مؤمن ا أم ك افرا أو أبيض أو أس واد أو عربي ا أو عجمي ا يع يش ف ي رقع ة إس المية أو غي ر إسالمية غير مقتصرة على ھذا أو ذاك الكل سواسية أمام حكمھا وص دق الله تب ارك وتع الى القائ ل: {ل ي س ب أ م ان ي ك م و ال أ م ان ي أ ھ ل ال ك ت اب م ن ي ع م ل ) س وءا ي ج ز ب ه و ال ي ج د ل ه م ن د ون الله و ل ي ا و ال ن ص يرا } س ورة ( النس اء: 123 والقائ ل أيض ا:{أ ك ف ار ك م خ ي ر م ن أ ول ئ ك م أ م ل ك م ب ر اء ة ف ي ) ال زب ر } ( س ورة القم ر: 43 فالقض ية ليس ت انتم اء إل ى رقع ة إس المية أو ج نس عرب ي أو غي ر ذل ك وإنم ا القض ية قض ية عم ل وج زاء وف ي ھ ذا 13 (21) قال الشيخ صديق خان القنوجي في تعريفه الاصطلاحي للعام:"هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بحسب و ض ع واحد د فعة". الجامع لا حكام وأصول الفقه ص 201.( فيكتب الا صول المتقدمة غنية (

14 السياق يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه الله-:" الله ينص ر الدول ة العادل ة (22) وإن كانت كافرة وال ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة". وعلى ال رغم من ذلك فالغاية من ذكر أحوال األمم الغابرة ھي أن تترسخ السنة في نفوس المؤمنين وأن يفھم الناس أن اآلخر سي فعل م ا ف ع ل ف ي ب ه األول حين يس ير ف ي طريق ه. وك ل تل ك القص ص واألخب ار تتلوھ ا تعقيب ات تؤكد ھذه السنة والقاعدة التي صارت علما (23). ومن ھنا فلوال عموم س نة الله واطرادھ ا وثباتھ ا لم ا ذك رت لن ا قص ص األم م الس ابقة إذ م ا يج ري عليھ ا يج ري عل ى غيرھ ا ف ي ب اقي األزم ان واألمص ار ف أي أم ة تنكبتھ ا أي س نة الله- لقي ت جزاءھ ا ع اجال أم آج ال وھ ذا م ا س جله الق رآن الك ريم ف ي غ زوة أ ح د لم ا أخط أ الرم اة وخ الفوا األوامر النبوية لقوا جزاءھم قال الحق جل ذك ره: {أ و ل م ا أ ص اب ت ك م م ص يب ة ق د أ ص ب ت م م ث ل ي ھ ا ق ل ت م أ ن ى ھ ذ ا ق ل ھ و م ن ع ن د أ ن ف س ك م إ ن الله ع ل ى ك ل ش ي ء (24) ق د ير } فال محاباة وال تمييز أمام سنة الله. 14 (22) (23) (24) الفتاوى الكبرى لابن تيمية 63/28. اقرأ وربك الا كرم جودت سعيد ص 132. سورة آل عمران: 165.

15 كم ا خص ص الق رآن الك ريم جانب ا كبي را م ن س وره لع رض قص ص الغابرين لينبھنا ويلفت أنظارنا إلى ما آلت إليه تلك األمم من تغير أحوالھ ا إيجابا أم سلبا حين اختارت لنفسھا طريقا معينا ولينبھنا كذلك إلى أن المجتمعات البشرية محكومة بنوع من السنن والنواميس المط ردة الثابت ة العامة التي تضبط حركتھا وتطورھا وتحدد مصيرھا في النھاية. ق ال الح ق ج ل وع ال: (و ي ا ق و م ال ي ج ر م ن ك م ش ق اق ي أ ن ي ص يب ك م م ث ل م ا أ ص اب ق و م ن وح أ و ق و م ھ ود أ و ق و م ص ال ح و م ا ق و م ل وط م ن ك م ب ب ع ي د ( 89 ))(سورة ھود). فسنن الله ال تحابي أح دا وقص ص الق رآن كثي رة: قص ة قوم نوح وعاد وثمود ولوط وشعيب وموسى... لما خالفوا أنبياءھم حصدتھم سنة الله وكانت لھم بالمرصاد... وھك ذا ف إن م ا وق ع لألم م والمجتمع ات الماض ية الت ي تك ررت وقائعھ ا رغم اختالف أشكالھا وتباين الظ روف الزمني ة والمكاني ة الت ي وقع ت فيھ ا يس جل الق رآن الك ريم وج ود ق انون أو س نة كوني ة مط ردة تحك م س ير ھ ذه المجتمعات كما دل على ذلك استنطاق جزئياتھا إذ يصرح القرآن أن سننا في األمم والجماعات يدعو إلى التفكير فيھ ا والت دبر ف ي مغزاھ ا واكتش اف داللتھا االجتماعية ولمس معانيھا التاريخية. 15

16 فالحديث القرآن ي يكش ف عل ى أن ھن اك ح وادث تاريخي ة متش ابھة ف ي داللتھا ومض مونھا وإن اختلف ت ف ي ش كلھا وھ ذا التماث ل ھ و ال ذي يض من لھذه الحوادث نوعا من التكرار واالط راد وم ن ث م يخب ر الق رآن الك ريم أن ھذا االطراد غير قابل للتبديل والتحويل. وھ ذه الس نن لھ ا وظيف ة اجتماعي ة ھام ة فھ ي تكش ف ع ن أس باب الخل ل وتزيل الستار عن أسباب الدمار وتثير في اإلنس ان فط رة الخي ر والص الح وتدعوه إلى االستقامة ومراجعة مواقفه ووقفاته والعمل على ضبط حركاته. ومن جھة تكش ف ھ ذه الس نن ع ن تجرب ة تاريخي ة كامل ة تج د فيھ ا والجماعات ما ينير طريقھا ويفتح بصيرتھا للوقف على نتائج اختيارھا الش عوب (25). وبناء على ذل ك ف إن الن واميس الت ي يتح دث عنھ ا الق رآن الك ريم تتمي ز بأنھ ا ن واميس مطلق ة ص الحة لك ل زم ان ومك ان مت ى ت وفرت مقوماتھ ا وتحققت شروطھا الموضوعية في الزمان والمكان فھي عامة. جالل ه: ھ ذا واآلي ات الدال ة عل ى عم وم س نة الله كثي رة أذك ر منھ ا قول ه ج ل {أ م ح س ب ت م أ ن ت د خ ل وا ال ج ن ة و ل م ا ي أ ت ك م م ث ل ال ذ ين خ ل و ا م ن ق ب ل ك م م ست ھ م ال ب أ س اء و ال ض راء و ز ل ز ل وا ح ت ى ي ق ول ال رس ول و ال ذ ين آم ن وا م ع ه م ت ى ) ن ص ر الله أ ال إ ن ن ص ر الله ق ر يب { ( سورة البقرة: 214. قال الشيخ أبو السعود منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية محمد محمد أمزيان ص (25) 16

17 في تفسيره: "إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم":" } { خوطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين أ م ح س ب ت م حث ا لھم على الثبات على المصابرة عل ى مخالف ة الكف ر ة وتح م ل المش ا ق م ن جھ تھم إث ر بي ان اخ تالف األم م عل ى األنبي اء عل يھم الس الم وق د ب ي ن في ه م آل اختالف ھم وما ل ق ي األنبياء وم ن معھ م م ن ق بلھم م ن مكاب دة الش دائد ومقاس اة الھم وم وأن عاقب ة أم ر ھم النص ر وأم منقطع ة والھم زة فيھ ا لإلنك ار واالستبعاد أي بل أحسبتم ق ب ل ك م } { أ ن ت د خ ل وا الجنة و ل ما ي أ ت ك م مث ل ال ذين خ ل و ا م ن من األنبياء ومن معھم م ن الم ؤمنين أي والح ال أن ه ل م ي أت كم م ثل ھم بعد ولم تبتلوا بما ابت ل وا ب ه م ن األح وال الھائل ة الت ي ھ ي م ث ل ف ي الفظاع ة والشد ة وھو متوق ع ومنتظ ر } م ست ھ م { استئناف وقع جوابا عما ينس اق إلي ه الذھن كأنه قيل وكي ف ك ان م ثلھم فقي ل : م س ت ھم } البأس اء { أي الش دة م ن الخ وف والفاق ة } والض راء { أي اآلالم واألم راض } و ز ل ز ل وا { أي (26) أز عجوا إزعاجا شديدا بما د ھ مھم من األھوال واألفزا ع". إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم 215/1. (26) 17

18 وقول ه تقدس ت أس ماؤه: {أ ف ل م ي س ير وا ف ي األ ر ض ف ي ن ظ ر وا ك ي ف ك ان (27) ع اق ب ة ال ذ ين م ن ق ب ل ھ م د مر الله ع ل ي ھ م و ل ل ك اف ر ين أ م ث ال ھ ا}. ق ال الش يخ أب و { السعود } في تفسيره:" أ ف ل م ي س ير وا ف ي األرض أي أق عد وا في أماكن ھم فل م يسير وا فيھا } ف ي نظ ر وا ك ي ف ك ان عاقبة الذين م ن ق ب ل ھ م { م ن األم م المكذب ة ف إ ن آث ار دي ار ھم تنب ىء ع ن أخب ار ھم. وقول ه تع الى : } د م ر الله ع ل ي ھ م { استئناف مبن ي على سؤال نشأ م ن الك الم كأن ه قي ل كي ف ك ان ع اقبت ھم فقي ل استأصل الله تعالى عليھم ما اخت ص بھم من أنفس ھم وأھلي ھم وأم وال ھم يق ال د م ره أھلك ه ود م ر علي ه أھل ك علي ه م ا يخ ت ولھؤالء الكافرين السائرين بسيرت ھم } أمثالھا { ص ب ه. } وللك افرين { أي أمثال عواقب ھم أو عقوب ات ھم لكن ال عل ى أ ن لھ ؤالء أمث ال م ا ألولئ ك وأض عاف ه ب ل مثل ه وإنم ا ج م ع (28) باعتبار مماثلت ه لعواقب متعددة حسب تعدد األمم الم عذبة ". فل يس الم راد م ن الس ير ف ي األرض ھن ا خص وص الس فر ب ل مطل ق التعرف على أحوال الماضين بأي سبيل وليس من شك أن من المفيد للعاقل أن يبحث عن أحوال الناس ويطلع على األسباب الموجبة لضعفھم أو إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم 94/8. سورة محمد: 10. (27) (28) 18

19 قوتھم فيتعظ ويعتبر ويسترشد إلى م ا في ه خي ره وص الحه وم ن أج ل ھذا قال عز من قائل: (29) {ھ ذ ا ب ي ان ل لن اس و ھ دى و م و ع ظ ة ل ل م ت ق ين {. ھ ذا إشارة إلى ذكر السنن الحكيمة التي من سار عليھا ظفر ومن تنكبھا خس ر.. والبد من البيان للناس كافة ليكون حجة على من عص ى وھ دى وموعظ ة لمن اتقى فإنه السبيل الوحيد الذي يميز العاصي والمطي ع.. ول وال البي ان ال طاعة وال عصيان (30). إضافة إل ى ذل ك فق د تح دثت الس نة المطھ رة ع ن عم وم س نة الله أذك ر منھا حديثا واح دا ع ن ع ب د الله ب ن ع م ر رض ي الله عنھم ا ق ال : أ ق ب ل ع ل ي ن ا π: ر س ول الله ρ ف ق ال ي ا م ع ش ر ال م ھ اج ر ين! خ م س إ ذ ا اب ت ل ي ت م ب ھ ن و أ ع وذ ب ا أ ن ت د ر ك وھ ن: ل م ت ظ ھ ر ال ف اح ش ة ف ي ق و م ق ط ح ت ى ي ع ل ن وا ب ھ ا إ ال ف ش ا ف يھ م الط اع ون و األ و ج اع ال ت ي ل م ت ك ن م ض ت ف ي أ س ال ف ھ م ال ذ ين م ض و ا. و ل م (31) ي ن ق ص وا ال م ك ي ال و ال م ي ز ان إ ال أ خ ذ وا ب ال س ن ي ن و ش دة ال م ؤ ون ة و ج و ر ال سل ط ان ع ل ي ھ م. و ل م ي م ن ع وا ز ك اة أ م و ال ھ م إ ال م ن ع وا ال ق ط ر م ن ال سم اء و ل و ال ال ب ھ ائ م ل م ي م ط ر وا. و ل م ي ن ق ض وا ع ھ د الله و ع ھ د ر س ول ه إ ال س ل ط الله ع ل ي ھ م (29) سورة آل عمران: 138. التفسير الكاشف محمد جواد مغنية /4. (30) ب الس ن ين: أخذوا أي ا اعة والقحط. الجامع شرح القدير فيض الصغير زين الدين الرؤوف عبد (31) المناوي 1053/1. 19

20 ع د و ا م ن غ ي ر ھ م ف أ خ ذ وا ب ع ض م ا ف ي أ ي د يھ م. و م ا ل م ت ح ك م أ ئ م ت ھ م ب ك ت اب (32) الله و ي ت خ ي ر وا م ما أ ن ز ل الله إ ال ج ع ل الله ب أ س ھ م ب ي ن ھ م. ι لق د ك ان األم ر ك ذلك أخ ذ األع داء بع ض م ا ف ي أي دينا كم ا ج اء ف ي الح ديث الش ريف- ض اعت األن دلس "الف ردوس المفق ود" كم ا تس مى اغتصبت فلس طين واحتل ت ب الد م ا وراء النھ ر وم زق الع راق وخرب ت دول ة آل عثم ان وس قطت دول... ك ل ھ ذا نتيج ة مخالف ة س نة الله الت ي ال تحابي أحدا. 5- الواقعية: ف إذا كان ت س نن الله رباني ة المص در فيك ون طبيعي ا أن تك ون واقعي ة تتعامل مع حقائق موضوعية ذات وجود حقيقي وأثر واقعي إيجابي ومع الواقع المشھود ال مع تصورات عقلية مجردة وال م ع مثالي ات خيالي ة ال مقابل لھا في حياة الناس وال وجود. ثم إن الناموس الذي يضعه الله تبارك وتعالى للحياة البشرية يحمل ط ابع الواقعية كذلك ألنه قابل للتحقيق الواقعي في الحياة البشرية بأسرھا.. 20 (32) سنن ابن ماجه كتاب الفتن باب العقوبات ح 4019 وقال الشيخ الا لباني حديث حسن.

21 وبمعن ى آخ ر فك ون س نن الله واقعي ة ينف ي عنھ ا الخي ال ويجعلھ ا مرتبط ة ارتباط ا وثيق ا ب الواقع وم ا ي دور في ه فھ ي ال تنفص ل عن ه تمام ا وھكذا تأتي سنن الله اإللھية ال لتسبح في بحار الخيال وال لتحل ق ف ي أج واء المثالية الم جن حة فتفرض إنسانا ال وجود له في الواق ع كم ا ص نع الف ارابي في مدينته الفاضلة وأفالطون في جمھوريته الخيالية وكما تخي لت الشيوعية المادية الغافلة عن الله والدار اآلخرة في أذھانھا عن المجتمع الذي تنعدم فيه الفوارق والطبقية وتزول الملكية وال يحتاج إلى دولة وال قضاء وال ش رطة وال سجون!. وھنا يتض ح لن ا أن س نن الله "تفس ر أح داث الواق ع أفض ل تفس ير وأبين ه. نزل القرآن منجما حسب م ا اقتض ته الض رورة الظرفي ة قوانين خضعت لھا كل ظروف الزمان والمكان. (...) وج اء يس نن وإذا ما أخذنا سنة من السنن وعرض ناھا عل ى األح داث المعاص رة م ثال تبين بما ال مجال للشك فيه بأن الغرب بفلسفاته االجتماعية والعلوم اإلنسانية م ا اس تطاع ف ك لغ ز ت رابط األح داث وعوام ل الص راع السياس ي وذل ك (33) إلعراضھم عن سنن الله". 21 (33) منهاج الفتوى على ضوء السنن الا لهية محمد جابري ص 85.

22 ث م إن واقعيتھ ا ك ذلك تتجل ى ف ي تس خير الله تع الى الن اس لفعلھ ا فالمستكبر الظالم مثال عندما يعاقب يعاق ب عل ى أي دي بش ر آخ رين مم ن ھم أشد منه ق وة بطش ا فين تقم الله ع ز وج ل م ن الظ الم بظ الم مثل ه وك ذلك الكفار المستكبرين المعاندين يعاقبھم الله تعالى بتسليط الم ؤمنين المجاھ دين الص ادقين عل يھم ق ال الله ع ز اس مه: (34) ال ك اف ر ين { وق ال ج ل ثن اؤه: } {ذ ل ك م و أ ن الله م وھ ن ك ي د ق ات ل وھ م ي ع ذب ھ م الله ب أ ي د يك م و ي خ ز ھ م و ي ن ص ر ك م ع ل ي ھ م و ي ش ف ص د ور ق و م م ؤ م ن ين. و ي ذ ھ ب غ ي ظ ق ل وب ھ م و ي ت و ب الله ع ل ى م ن ي ش اء و الله ع ل يم ح ك يم { ] التوبة/ ] ولھ ذا فل م ت نس الس نن اإللھي ة ف ي توجيھاتھ ا وقوانينھ ا واق ع الك ون والحي اة وواق ع الن اس بك ل ظروف ه ومالبس اته. ألن تل ك الس نن مص درھا صاحب الخلق واألمر الذي يعل م ك ل ص غيرة وكبي رة ف ي ھ ذا الك ون ل ذلك ج اءت تل ك الس نن منض بطة بھ ذا الض ابط ت دل اإلنس ان عل ى م ا يص لحه ويرقى به زمرة المرضيين وتحذره من الفساد وما يھبط به إلى الحضيض. 22 (34) سورة الا نفال: 18.

23 تلك إذن ھي واقعية السنن ال تكل ف الن اس ش ططا وال ت رھقھم عس را وال تجعل عليھم حرجا بل ترشدھم إلى سواء السبيل تع الجھم إذا مرض وا وتساعدھم على الشفاء لمن أراد الشفاء. (35) {إ ن الله ي ف ع ل م ا ي ر يد }. 6- الشمولية: فسنن الله ربانية المصدر وھ ي م ن أم ر الله ف ال غ رو أن يك ون طابعھ ا الشمول وھنا نذكر مجموعة من اآليات اإللھية حول ھذه الشمولية: قال عز من قائل: {و ك ان (36) أ م ر الله ق د را مق د ورا } أي "قض اء مقض ي ا (37) كائن ا ماضي ا". وقال الحق جل وعال:{ و ك ل ش ي ء ع ن د ه ب م ق د ار } (38) وق ال ع ز وج ل: (39) {ق د ج ع ل الله ل ك ل ش ي ء ق د را } ق ال الش يخ أب و الس عود:" أي تق ديرا وتوقيتا أو مقدارا وھ و بي ان لوج وب التوك ل علي ه تع ال ى وتف ويض األم ر (35) (36) (37) (38) (39) سورة الحج: من الا ية 14. سورة الا حزاب: 38. معالم التنزيل 358/6. سورة الرعد: 8. سورة الطلاق: 3. 23

24 إليه ألن ه إذا علم أ ن ك ل شيء من الرزق وغير ه ال يكون إال بتقدير ه تعال ى ال (40) يبقى إال التسليم للقدر والتوكل على الله تعالى". وقال عز من قائل: {و م ا م ن د اب ة ف ي األ ر ض (41) م س ت ق رھ ا و م س ت و د ع ھ ا ك ل ف ي ك ت اب م ب ين { وقال جل ذكره: إ ال ع ل ى الله ر ز ق ھ ا و ي ع ل م {و ك ل ش ي ء (42) { وقال جل ثناؤه: ف صل ن اه ت ف ص يال (43) {و ك ل ش ي ء أ ح ص ي ن اه ك ت اب ا} وقال عز سلطانه:{و ك ل ش ي ء (44) أح ص ي ن اه ف ي إ م ام م ب ي ن} ق ال الش يخ } البغوي:" } قوله تعالى و ك ل ش ي ء أح ص ي ن اه { حفظناه وعددناه وبيناه ف ي { إ م ام م ب ين (45) وھو اللوح المحفوظ". واآليات التي تدل على شمولية السنن كثيرة تلك الشمولية التي تعن ي أن الس نن اإللھي ة جامع ة ال تقب ل التجزئ ة وش املة لك ل ش ؤون الحي اة ولك ل مي ادين النش اط البش ري ولك ل القض ايا الكب رى ف ي ھ ذا الك ون ال تس تثني 24 (40) (41) (42) (43) (44) (45) إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم 262/8. سورة هود: 6. سورة الا سراء: من الا ية 12. سورة النبا : 29. سورة يس: من الا ية 12. معالم التنزيل 10/7.

25 مجاال من مج االت الحي اة أو جانب ا م ن جوانبھ ا وليس ت ش مولية مقتص رة عل ى زم ن مع ين وعص ر مخص وص ب ل ش مولية تس توعب ال زمن كل ه وتس توعب جوان ب الحي اة كلھ ا وتس توعب اإلنس ان كل ه ف ي الماض ي والحاضر والمستقبل. إنھا سنن الله التي جاءت بنواميس شاملة جامع ة مانع ة وأخ رى مفص لة تفص يال جزئي ا دقيق ا تش مل اإلن س والج ن والمالئك ة وك ل المخلوق ات م ن الدواب والھوام. فم ا م ن ناحي ة م ن ن واحي الحي اة والك ون ومج ال م ن مجاالتھم ا إال وتناولتھا السنن اإللھية في الق رآن الك ريم والس نة النبوي ة ب النص والفح وى وأوضحت فيھا الخير من الشر والصحيح م ن الفاس د والح ق م ن الباط ل والصدق من الكذب والطيب من الخبي ث والغ ث م ن الس مين ف ي ص ورة ش املة وكامل ة لنظ ام الحي اة ف ي اإلس الم ال ذي يج ب أن يق وم عل ى وتنميته وتجنب الشر والعمل على استئصاله. تلك الشمولية تتمثل في صور شتى أكبرھا رد ھذا الوجود كل ه.. الخي ر بنش أته ابتداء وحركت ه بع د نش أته وك ل انبثاق ة في ه وك ل تح ور وك ل تغي ر وك ل تطور. الس رمدية والھيمنة عليه وتدبيره وتصريفه وتنسيقه... األزلي ة األبدي ة المطلق ة.. ھ ذه ال ذات. إل ى إرادة ال ذات اإللھي ة المري دة الق ادرة. المطلق ة 25

26 المشيئة المبدعة لھذا الكون ولكل شيء فيه ولكل حي ولكل حرك ة وك ل انبثاقة وكل تحور وكل تغي ر وك ل تط ور. اإلرادة.. بق در خ اص.. وبمج رد توج ه ف ا س بحانه ھ و ال ذي أنش أ ھ ذا الك ون ابت داء وھ و ال ذي يح دث في ه بمشيئته كل تغيير جديد وكل انبثاق وليد.. (46). ث م إن ھ ذا الش مول يتن اول ك ل قض ية م ن القض ايا بكلياتھ ا وجزئياتھ ا بص ورة كامل ة جامع ة وبس عة ودق ة وتفص يل ال يحت اج إل ى الع ون م ن التص ورات البش رية المنحرف ة الض الة الت ي ص دت اإلنس ان ع ن طريق ه وعقدت مسيرته في معرفة ما يتسم به ھذا الك ون م ن دق ة عميق ة وش مولية واسعة...وتفسير جامع ومفصل التي تدل عل ى وحداني ة الخ الق Υ واإلق رار له وحده بالعبودية وإفراده باأللوھية. التوازن: 7- يقول الحق جل ثناؤه: (47) {م ا ت ر ى ف ي خ ل ق ال رح م ن م ن ت ف او ت } نقص د ب التوازن ذل ك التناس ق الفري د ف ي اآلف اق ف ي الس موات واألرض ف ي ك ل 26 (46) خصاي ص التصور الا سلامي ومقوماته سيد قطب ص 96.

27 المخلوق ات. ذل ك أن ھ ذا الك ون ومكونات ه تعم ل بانتظ ام وتع اون ف ي خدم ة غاية مشتركة فالكواكب واألفالك تسير ف ي مس ارھا المح دد لھ ا دون أدن ى خلل أو اضطراب فھ ي تتح رك ف ي م داراتھا من ذ خلقھ ا الله وھ ي ك ذلك ال تتصادم وال تخرج عن مسارھا وخطھا المرسوم. ف الكون كل ه بم ا في ه م ن كواك ب ونج وم وأف الك ومج رات يس ير ض من س نن الله الت ي أودعھ ا الله في ه فھ و ال يمل ك أن يتق دم عليھ ا أو يت أخر وال يملك أن يعدل فيھا أو يغير أو يبدل ويحول وإنما ھو يس ير وف ق الن اموس اإللھي الذي ارتض اه الله Ι ل ه يس ير عل ى مقتض ى إرادت ه ومش يئته Υ فھ و (48) مستسلم ألمر رب ه خاض ع ل ه ال إرادة ل ه وال اختي ار ل ه قدره الله للكون من الحركة والسكون. وال اختي ار فيم ا فال غ رو أن نرى ھذا التوازن الدقيق في خل ق الله وف ي أم ر الله جميع ا فھو صاحب الخلق واألمر. من الھدى ودين الحق أي: فظاھرة التوازن تبدو فيما أمر الله ب ه وش رعه في نظام اإلس الم ومنھج ه للحي اة كم ا تب دو ف ي ھذا الكون الذي أبدعته يد الله فأتقنت فيه كل شيء. 27 (47) (48) سورة الملك: من الا ية 3. هذا فيما يتعلق بالا جرام والكواكب أما الا نسان فقد تركت له -سنن االله- الحرية الكاملة في أن يختار لنفسه ما يشاء بينت له طريق الهدى وبينت لهكذلك طريق الضلال وتركت له حرية الاختيار لكنه في الا خير يتحمل نتاي ج ما يختار.

28 ننظ ر ف ي ھ ذا الع الم م ن حولن ا فنج د اللي ل والنھ ار والظ الم والن ور والحرارة والبرودة والماء واليابس والغازات المختلفة كلھا بقدر ومي زان وحساب ال يطغى شيء منھا على مقابله وال يخرج عن حده المقدر له. وكذلك الشمس والقمر والنجوم والمجموعات الكونية السابحة ف ي فض اء الكون الفسيح إن كال منھا يسبح في مداره ويدور في فلكه دون أن يص دم غيره أو يخرج عن دائرته يقول الدكتور و ك ل ف ي ف ل ك ي س ب ح و ن { ] يس/ ]. 40 (49) }. علي جمعة:"يتحدث القرآن عن سنن الله العام ة ف ي الك ون على أنھا دعامة النظام الكوني المتماسك بوشائج التوازن اإللھي الذي يحك م ب ه ھ ذا النظ ام فھ ذا الت رابط المحك م ب ين ع والم الكائن ات علويھ ا وس فليھا وھ ذا التنس يق ب ين آحاديھ ا ومجموعاتھ ا وھ ذه األوض اع المنس جمة الت ي تتراءى في وضع كل كائن في مكانه من التركيب الكوني وھذا االتساق في تقدير صلة كل عنصر من عناصر الكون بسائر العناصر الذي اإلطار ھو تجمعت فيه الخطوط التي تصور سنن الله التي يتحقق بھا التوازن بين جميع المخلوقات. 28 (49) الخصاي ص العامة للا سلام ص 128.

29 والتوازن بين عناصر الكون ووشائجه ھو سنة الله التي دب ر بھ ا الك ون وعليھا أدار فلك نظامه اإللھي البديع وھذا التوازن ھو العدل الذي قامت به السماوات واألرض وھو الحق الذي خلقت به الحياة. وبھ ذا يرس م الق رآن العظ يم ص ورة للنظ ام الك وني ف ي نم اذج م ن المخلوق ات يس تبين منھ ا أن الك ون كل ه خاض ع ف ي نظ ام س يره وتركي ب عناص ره لس نن محكم ة وحاكم ة مترابط ا بوش ائجھا ف ي وح دة قائم ة عل ى اتساق في وضع وتركيب كل كائن بما يھيء ل ه القي ام ب أداء م ا خ ل ق ل ه م ن المنافع والمصالح ما دام في موضعه من نظام الك ون الع ام. وھ ذا التماس ك واالتساق بين ذرات الكون ھو ما نعنيه بالتوازن المحكوم بس نن الله ف ي ھ ذا الكون العظيم (50). ھ ذا جان ب والجان ب اآلخ ر ف ي الت وازن الت وازن ب ين المش يئة اإللھي ة وثب ات الس نن الكوني ة.. يخطر على الفكر البشري جملة. إبداعه. فالمش يئة اإللھي ة طليق ة ال ي رد عليھ ا قي د م ا مم ا وھ ي تب دع ك ل ش يء بمج رد توجھھ ا إل ى وليست ھنالك قاعدة ملزمة وال قالب مفروض تلتزمه المشيئة 29 (50) مقتطف من تقديمه لكتاب السنن الا لهية دي عاشور ص 8.

30 اإللھية حين تريد أن تفعل ما تريد:{إ ن م ا ق و ل ن ا ل ش ي ء إ ذ ا أ ر د ن اه أ ن ن ق ول (51) ل ه ك ن ف ي ك ون {. وفي الوقت ذاته شاءت اإلرادة اإللھية الم دبرة أن تتب دى للن اس جامعة القرويين -ع ادة- في صورة نواميس مطردة وسنن جارية يملكون أن يرقبوھ ا وي دركوھا ويكيفوا حياتھم وفقھا ويتعاملوا مع الكون على أساس ھا.. عل ى أن يبق ى ف ي تص ورھم ومش اعرھم أن مش يئة -م ع ھ ذا- طليق ة تب دع م ا تش اء وأن الله يفعل ما يريد ولو لم يكن جاريا على ما اعتادوا ھم أن يروا المشيئة متجلي ة فيه من السنن المقررة والنواميس المطردة. فسنة كذلك وراء السنن كلھ ا- أن ھذه المشيئة مطلقة مھما تجلت في نواميس مطردة وس نن جاري ة- وم ن ثم يوجه الله األبصار والبصائر إلى ت دبر س ننه ف ي الك ون والتعام ل معھ ا والنظر في مآالتھا- بقدر م ا يمل ك اإلدراك البش ري- واالنتف اع بھ ذا النظ ر في الحياة الواقعية (52). 8- الوسطية: إن الوسطية ف ي ك ل ش يء م ن أھ م م ا تمي ز ب ه اإلس الم ع ن غي ره م ن الش رائع الس ابقة والق وانين الوض عية ويقص د بھ ا االس تقامة وع دم 30 النحل: 40. (51) (52) خصاي ص التصور الا سلامي ومقوماته سيد قطب ص 124.

31 (53) الحي دان كم ا يقص د بھ ا التع ادل ب ين ط رفين متق ابلين أو متض ادين أو التوسط بينھما بحيث ال يطغى أحدھما على اآلخر ويحي ف علي ه وال يأخ ذ أحدھما الحق أكثر من اآلخر وال ينفرد بالتأثير ويطرد الطرف المقابل. وفي قوله تب ارك وتع الى:{و ال س م اء ر ف ع ھ ا و و ض ع ال م ي ز ان أ ال ت ط غ و ا (54) ف ي ال م يز ان و أ ق يم وا ال و ز ن ب ال ق س ط و ال ت خ س ر وا ال م يز ا ن} نلم ح إش ارة قوية إلى الوسطية فال وكس وال شطط وال إفراط وال تفريط وال غلو وال تقصير في السنن اإللھية. لقد صان الله الكوني وناموسه قانونه من االندفاعات ھن ا وھن اك والغل و ھنا وھناك والتصادم ھنا وھناك.. ھذه اآلفات التي لم يسلم منھ ا أي تص ور آخر. سواء التصورات الفلسفية أو التصورات الدينية التي شوھتھا التص ورات البش رية بم ا أض افته إليھ ا أو نقص ته منھ ا أ ولت ه ت أويال خاطئا وأضافت ھذا التأويل الخاطئ صلب العقيدة (55). 31 (53) عنه. (54) (55) الحيدان: مصدر قوكل: حاد عن الطري ق ح ي دا ان وح ي د ا و حي د ة وح ياد ا وح يودا وم حيدا وح ي دود ة : ا ذا مال سورة الفرقان: 67. خصاي ص التصور الا سلامي ومقوماته ص 119.

32 فالوسطية من مميزات ھذه األمة وتتجل ى ھ ذه الوس طية ف ي ك ل ش يء فمثال ذم الله البخل لكنه ذم كذلك اإلسراف وجعل اإلنف اق ف ي س بيل الله ھ و المطل وب ش رعا. ق ال الح ق ج ل وع ال: (56) ي ق ت ر وا و ك ان ب ي ن ذ ل ك ق و ام ا}. وكل نھج خالف خصيصة {و ال ذ ين إ ذ ا أ ن ف ق وا ل م ي س ر ف وا و ل م الوسطية برئ منه دين الله ولئن أش رك كف ار قريش مع الله وجعلوا له أنداد وأنكروا اإلله الواحد فقد غالت أيضا اليھود فقالت عزير ابن الله وغالت النصارى فق الوا الله ثال ث ثالث ة وق الوا المس يح ابن الله -تعالى الله وتقدس عما يقولوا المفترون المضلون علوا كبيرا. وجاءت شريعة اإلسالم بالحنفية السمحة والوسطية واالعتدال وبالقول الفصل الذي يعلو وال يعلى عليه. كيف ال تتسم اإللھية السنن بخصيصة الوسطية وھي مستمدة م ن ك الم الله تعالى على عكس ما نراه في أي نظام يص نعه البش ر ال ذي ال يخل و م ن التفريط أو اإلفراط ذلك أن من المعضالت التي لم تنجح الق وانين الوض عية في حلھا التطرف في التش ريع ف بعض الق وانين تج نح إل ى أقص ى اليس ار وبعض آخر يجنح إلى أقصى اليمين. وقلما يوفق واض عوا الق وانين البش رية 32 (56) سورة الرحمن: 9-7.

33 إلى التوسط واالعتدال في قوانينھم ذلك أن الوسطية ليست باألمر الميس ور الھين. لكن السنن اإللھية الربانية المصدر سلكت طريقا وسطا من غير تف ريط وال إفراط فال ھي تضيق الخناق على الناس حتى تملھا نفوسھم وتنفر منھ ا قلوبھم. وال ھي أرخت لھم العنان في السھولة حتى تغرق النفوس في أوحال شھواتھا وبراثين ملذاتھا وتبلغ منتھى ھواھا ومآربھا. ھك ذا تمي زت س نن الله بالوس طية باالعت دال والتوس ط دون إف راط وال تفريط وال غلو وال تقصير وصدق الله جل وعال القائل في كتابه الحكيم:{ و ك ذ ل ك ج ع ل ن اك م أ مة و س ط ا ل ت ك ون وا ش ھ د اء ع ل ى الن اس و ي ك ون ال رس ول ع ل ي ك م (57) ش ھ يد ا}. (58) -9 األجل : قال الحق عز سلطانه: {ل ك ل (59) أ ج ل ك ت ا ب} أي: لك ل كت اب أج ل ق دم الخب ر ھن ا ول و أخ ر لت وھم للس امع أن ه ص فة أق ول: ھ ذا م ا ذھ ب إلي ه الضحاك والفراء حيث قاال: "فيه تقديم وتأخير" والمعنى: لكل كت اب أج ل 33 (57) (58) (59) سورة البقرة: من الا ية 143. الا جل: المدة المضروبة للشيء. مفردات ألفاظ القرآن للراغب الا صفهاني مادة: أجل حرف الهمزة ص 65. سورة الرعد: من الا ية 38.

34 وق د تعق ب أب و حي ان ھ ذا الق ول ق ائال : "وال يج وز ادع اء القل ب إال ف ي ضرورة الشعر وأما ھنا فالمعنى في غاية الصحة ب ال عك س وال قل ب ب ل ادعاء القلب ھنا ال يصح المعنى علي ه إذ ث م أش ياء كتبھ ا الله- كالجنة ونعيم أھلھا ال أجل لھا". أزلي ة تع الى- ولھذا فإن الله تبارك وتعالى قيد كل شيء في ھذا الوجود بقدر معلوم إلى أجل معلوم فيكون معنى اآلية: الله عنده ال يتقدم وال يتأخر. أن لك ل أم ر قض اه الله كتاب ا وأج ال ق د كتب ه واألجل "يختلف باختالف األشياء والسبب الذي أجلت ل ه. لك ن ال ينف ك عن الزمن واألجل ومن ھنا ك ان عام ل ال زمن ض ابطا م ن ض وابط الس نن اإللھية" (60). وعليه فنلمح مما سبق أن أجل كل شيء يختلف عن اآلخر فمنه ما يع د بالش ھور نح و قول ه ج ل وع ال: {و ن ق ر ف ي األ ر ح ام م ا ن ش اء إ ل ى أ ج ل (61) م س م ى} ومنه ما يقاس ب العمر كم ا ج اء ف ي قول ه تع الى وتق دس: {و م ا (62) ك ان ل ن ف س أ ن ت م وت إ ال ب إ ذ ن الله ك ت اب ا م ؤ جال { وقول ه ع ز م ن قائ ل: 34 (60) (61) (62) التجديد في دراسة الحديث النبوي الشريف على نور السنن الا لهية ص 122. سورة الحج: من الا ية 5. سورة آل عمران: من الا ية 145.

35 (63) {و ل ن ي ؤ خر الله ن ف س ا إ ذ ا ج اء أ ج ل ھ ا و الله خ ب ي ر ب م ا ت ع م ل ون { وقول ه ج ل ذكره:{ (64) م ا ت س ب ق م ن أ مة أ ج ل ھ ا و م ا ي س ت أ خ ر ون { ومنھ ا م ا ي دوم ب دوام ال دنيا كقول ه تب ارك وتع الى: {أ ل م ت ر أ ن الله ي ول ج الل ي ل ف ي الن ھ ار و ي ول ج الن ھ ار ف ي الل ي ل و س خر ال ش م س و ال ق م ر ك ل ي ج ر ي إ ل ى أ ج ل م س م ى و أ ن الله ب م ا ت ع م ل ون خ ب ير (65). { ول وال اتس ام س نن الله بھ ذه الخصيص ة للح ق بالك افرين الع ذاب ف ي أول وھل ة ق ال الح ق ع ز وج ل: } و ل و ال أ ج ل م س م ى ل ج اء ھ م ال ع ذ اب و ل ي أ ت ي ن ھ م (66) ب غ ت ة و ھ م ال ي ش ع ر ون { وقال الحق جل في عاله: {و ل و ي ؤ اخ ذ الله الن اس ب م ا ك س ب وا م ا ت ر ك ع ل ى ظ ھ ر ھ ا م ن د اب ة و ل ك ن ي ؤ خر ھ م (67) ج اء أ ج ل ھ م ف إ ن الله ك ان ب ع ب اد ه ب ص ير ا}. إ ل ى أ ج ل م س م ى ف إ ذ ا (63) (64) (65) (66) (67) سورة المنافقون: 11. سورة الحجر: 5. سورة لقمان: 29. سورة العنكبوت: من الا ية 53. سورة فاطر:

36 يتأخر: كل إن جامعة القرويين ھكذا ترتبط سنن الله باألجل فلكل شيء أجل فإذ جاء أجله فال يتقدم وال (68) {إ ن أ ج ل الله إ ذ ا ج اء ال ي ؤ خر ل و ك ن ت م ت ع ل م ون {. الخصائص خاتمة: التي تنولتھا في ھذا البحث ال تعط ل المش يئة اإللھي ة فسنة الله التي تحكم ھذا الكون بم ا في ه ھ ي ق در الله ج ل وع ال ال ذي أراد أن تنضبط بھذه الخصائص الربانية. ولھذا فإن ك ل م ن ح اول ع زل تل ك الخص ائص وأصلھا ضل الطريق وغطى شمس الحقيقة بغربال الجھل. وفص لھا ع ن مص درھا ھك ذا نج د س نن الله ف ي الحي اة البش رية دقيق ة تل ك الدق ة منض بطة ذل ك االنضباط وھي تعمل مجتمعة متناسقة فيكون حصيلتھا ف ي ھ ذه ھو كائن بقدر الله Ι ومشيئته األزلية. الحي اة م ا وم ن ث م فإن ه الب د م ن العم ل بمقتض ى س نن الله للوص ول إل ى النت ائج المرغوب ة والمقاص د المح ددة المطلوب ة. ومخالف ة الس نن ومص ادمتھا ومصارعتھا ال يتأتى عنھا إال النتائج الوخيمة المنصوص عليھا في الق رآن الكريم والسنة النبوية المعطرة. وھذه أھم خصائص السنن اإللھية كما جاءت في ھذا البحث: 36 (68) سورة نوح: من الا ية 4.

37 الرباني ة: أي أنھ ا مرتبط ة ب ا تع الى ومس خرة من ه مم ا ينف ي عنھ ا الوقوع في الخطأ أو الظلم. الثبات: وثباتھا وعدم تغيرھا أو تخلفھا ينفي عنھ ا مقول ة دور الص دفة وتدخلھا في حركة التاريخ. االط راد: أي اس تمرارھا وديمومتھ ا وتت ابع حص ولھا كلم ا ت وفرت شروطھا وھذا ينفي عنھا العشوائية والحتمية. العموم: أي مفعولھا يسري على جميع األشخاص وال تفرق بي نھم وال تحيد وال تحابي أحدا منھم. الواقعية: واقعية السنن تنفي عنھا المثالي ة والخي ال وتجعلھ ا مرتبط ة ارتباطا وثيقا بواقع الناس وما يجري فيه. الشمولية: وشموليتھا يعني أنھ ا ال تقب ل التجزئ ة مجاالت الحياة البشرية ولكل القضايا الكبرى في ھذا الكون. وأنھ ا ش املة لك ل التوازن: أي تتميز بالتوازن الفريد وتعم ل بانتظ ام وتع اون ف ي خدم ة غاية مشتركة دون أدنى خلل أو اضطراب. الوسطية: أي االستقامة واالعتدال وعدم الحيدان فال تف ريط فيھ ا وال إفراط. 37

38 األجل: ضابط من ضوابط السنن اإللھية فلك ل ش يء أج ل إذا ج اء ال يتقدم عنه وال يتأخر. -4 المصادر والمراجع 1 -إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الك ريم محم د ب ن محم د العم ادي أبو السعود دار إحياء التراث العربي بيروت. 2 -أزمتن ا الحض ارية ف ي ض وء س نة الله ف ي الخل ق أحم د كنع ان تق ديم: عم ر عبي د حس نة كت اب األم ة (26) الص ادر ع ن مرك ز البح وث والمعلوم ات برئاس ة المح اكم الش رعية والش ؤون الديني ة ف ي دول ة قط ر ط 1 /المحرم 1411 ھ. 3 -اق رأ ورب ك األك رم ج ودت س عيد دار الفك ر المعاص ر بي روت-لبن ان إعادة الطبعة الثانية 1419 ھ م. التحفة الق ليبية في حل الحمولية في غريب القرآن الك ريم موس ى ب ن محم د ب ن موس ى ب ن يوس ف الق ليب ي الع م ري الم الكي (ت 1332 ھ ) حقق ه وعل ق علي ه: كام ل محم د محم د عويض ة دار الكت ب العلمي ة بي روت ط 1420/1 ھ م. 38

39 -5 جامعة القرويين التجديد ف ي دراس ة الح ديث النب وي عل ى ن ور الس نن اإللھي ة سلس لة الس نن اإللھي ة ض وابط العل وم المعرفي ة (3) محم د ج ابري ق دم ل ه: أب و أسامة المصطفى عبد القادر غانم الحسني مؤسسة الندوي مكتب الدراسات واألبحاث العلمية وجدة ط 1 /جمادى األولى -6 التفس ير الكاش ف ط 2 /كانون الثاني -7 (يناير) 1424 ھ. محم د ج واد مغني ة دار العل م للمالي ين بي روت 1978 م. حركة التاريخ في القرآن الكريم ضمن سلسلة: الكفيشي دار الھادي بيروت ط 1424/1 ھ م. -8 الخص ائص العام ة لإلس الم بيروت ط 1422/10 ھ م. -9 قضايا إسالمية ع امر يوس ف القرض اوي مؤسس ة الرس الة خص ائص التص ور اإلس المي ومقومات ه س يد قط ب دار الش روق ط 1426/16 ھ م. -10 الجامع ألحكام الق رآن الش ھير بتفس ير القرطب ي ب ن أحم د األنص اري القرطب ي تق ديم: البارودي وخيري سعيد المكتبة التوفيقية مصر د ت. أب و عب د الله محم د ھ اني الح اج حقق ه: عم اد زك ي 39

40 11- س نن أب ي داود ( ھ ) تحقي ق: ط 1426/1 ھ م. 12- سن ابن ماجه جامعة القرويين أب و داود س ليمان اب ن األش عث السجس تاني األزدي محم د برب ر المكتب ة العص رية ص يدا-بي روت أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني الشھير ب ابن ماج ه ( ھ) حكم على أحاديث ه وآث اره وعل ق علي ه: األلباني اعتنى به: الرياض ط 1 /د ت. -13 محم د ناص ر ال دين أبو عبيدة مشھور بن حسن آل سلمان مكتبة المع ارف السنن اإللھية في األمم واألفراد في القرآن الك ريم: مجدي محمد عاشور إشراف: دار السالم القاھرة ط 1427/1 ھ م. الكلمات 14- أص ول وض وابط مصطفى محمد الشكعة تقديم: عل ي جمع ة بديع الزمان سعيد النورسي ترجمة: مطبعة الخلود بغداد ط 1409/1 ھ م. 15- مف ردات ألف اظ الق رآن الراغ ب األص فھاني إحسان قاسم الصالحي (ت 425 ھ ) تحقي ق: صفوان عدنان داودي دار القلم دمشق ط 1423/3 ھ م. 16- مع الم التنزي ل 516 (المت وفى محي ي الس نة أب و محم د الحس ين ب ن مس عود البغ وي ھ ) حقق ه وخ رج أحاديث ه: محم د عب د الله النم ر وعثم ان 40

41 د/ جامعة القرويين جمع ة ض ميرية وس ليمان مس لم الح رش دار طيب ة للنش ر والتوزي ع ط 4 / م. ھ المعين في تفسير ك الم األص وليين عب د الله ربي ع عب د الله محم د دار السالم القاھرة ط 1428/1 ھ م. 18- م نھج البح ث االجتم اعي ب ين الوض عية والمعياري ة أمزيان بيت الحكمة للترجمة والنشر وجدة ط 1416/3 ھ م. 19- منھ اج الفت وى عل ى ض وء الس نن السكن نموذجا- ضمن سلسلة الفقه المنھاج الندوي مكتب الدراسات واألبحاث العلمية وجدة ط 1-20 الموافقات في أصول الشريعة الغرن اطي الم الكي الش اطبي وخرج آياتھا وض بط أحاديثھ ا: (ت محم د محم د اإللھي ة الق رض الرب وي م ن أج ل (4) محمد ج ابري مؤسس ة.ت. أبو إسحاق إب راھيم ب ن موس ى الل خم ي 790 ھ ) اعتن ى بھ ذه الطبع ة الجدي دة إب راھيم رمض ان مقابل ة عل ى الطبع ة الت ي شرحھا عبد الله دراز دار المعرفة بيروت ط 1420/4 ھ م. -21 الفتاوى الكبرى تحقيق وتقديم وتعليق: أبو العباس أحم د ب ن عب د الحل يم ب ن تيمي ة الحران ي محمد عبد القادر عطا ومص طفى عب د الق ادر عط ا دار الكتب العلمية بيروت ط 1408/1 ھ م. 41

42 22- فيض القدير شرح الجامع الصغير مكتبة اإلمام الشافعي الرياض ط 3 / زين الدين عبد ال رؤوف المن اوي 1408 ھ م. 42